فصل: (القَسْم):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: عمدة السالك وعدة الناسك



.فصل [فيما يُثبتُ الخيار من العيوب]:

إذا وجدَ أحدُهُما الآخرَ: مجنوناً، أوْ مجذوماً، أو أبرصَ، أو وجدها: رَتْقاءَ، أو قَرْناءَ، أو وجدتهُ عِنِّيناً، أو مَجْبوباً، ثبتَ الخيارُ في فسخِ العقدِ على الفورِ عند الحاكمِ، سواءٌ كانَ بهِ مثلُ ذلكَ العيبُ أم لا، ولوْ حدثَ العيبُ ثبتَ الخيارُ أيضاً، إلا أنْ تَحدُثَ العُنَّةُ بعدَ أنْ يَطأها فلا خيار.
وإذا أقرَّ بالعُنَّةِ أجَّلهُ الحاكمُ سنةً منْ يومِ المُرافعةِ إليهِ، فإنْ جامَعَ فيها فلا فسخَ لها وإلا فلها الفسخُ.
والمُرادُ بالفوْرِ في العُنَّةِ عَقِيبَ السنة.
ومتى وقعَ الفَسْخُ فإن كانَ قبلَ الدخولِ فلا مهرَ، أو بعدهُ بعيبٍ حدث بعدَ الوطءِ وجبَ المُسمَّى، أو بعيبٍ حدثَ قَبلهُ فمَهرُ المِثلِ.
وإنْ شرطَ أنها حرةٌ فبانتْ أمةً وهو ممنْ يَحلُّ لهُ نكاحُ الأمةِ تخيَّرَ.
وإنْ شَرطَ أنها أمةٌ فبانتْ حُرةً، أو لمْ يشترِطْ فبانتْ أمةً أو كتابيةً فلا خيار.
وإنْ تزوّجَ عبدٌ بأمةٍ فأعتِقتَ فلها أنْ تفسخَ نكاحَهُ على الفورِ منْ غيرِ الحاكمِ، وإذا أسلمَ أحدُ الزوجينِ الوَثَنِيَّينِ أو المجوسيَّينِ، أو أسلمت المرأةُ والزوجُ يهوديٌّ أو نصرانيٌّ، أو ارتدَّ الزوجان المُسلمانِ أو أحدهُما، فإنْ كانَ قبلَ الدخولِ تعجَّلتِ الفُرقةُ، وإن كانَ بعدهُ توقَّفتْ على انقضاءِ العِدّةِ، فإنْ اجتمعا على الإسلامِ قَبْلَ انقضائها دامَ النكاحُ، وإلا حُكِمَ بالفُرْقةِ منْ حينِ تبديلِ الدِّينِ، وإنْ أسلمَ على أكثر منْ أربعٍ اختارَ أربعاً منهنَّ.

.كتابُ الصَّداق:

يُسَنُّ تسميتُهُ في العقدِ، فإنْ لم يُذكرْ لمْ يَضرَّ.
ولا يُزوِّجُ ابنتهُ الصغيرةَ بأقلَّ منْ مهرِ المثلِ، ولا ابنَهُ الصغيرَ بأكثرَ منْ مهرِ المِثلِ، فإنْ فعلَ بطَلَ المُسمَّى ووجبَ مهرُ المثلِ، ولا يتزوجُ السفيهُ والعبدُ بأكثرَ منْ مهرِ المثلِ.
وكلُّ ما جازَ أنْ يكونَ ثمناً جازَ جَعْلُهُ صَداقاً، ويجوزُ حالاًّ ومؤجَّلاً وعيناً وديْناً ومنفعةً، وتَمْلِكُهُ بالتسميةِ، وتتصرفُ فيهِ بالقبضِ، ويَستقِرُّ بالدخولِ أوْ بموتِ أحدهِما قبلَ الدخولِ.
ولها أنْ تَمْتَنِعَ منْ تسليمِ نفسها حتى تقبِضَهُ إنْ كانَ حالاًّ، فإنْ سَلَّمتْ نفسَها إليهِ فوطئها قبلَ القبضِ سقطَ حقها منَ الامتناعِ.
وإنْ وردتْ فُرْقَةٌ منْ جهتِها قبلَ الدخولِ بأنْ أسلَمتْ أو ارتدَّتْ سقَطَ المهرُ، أو منْ جِهتِهِ بأنْ أسلمَ أو ارتدَّ أو طلَّقَ، سقطَ نِصفُهُ، ويرجعُ في نصفهِ إن كانَ باقياً بعينهِ، وإلا فنصفُ قيمتهِ أقلَّ ما كانتْ من العقدِ إلى التلفِ، فإنْ كانَ زائداً زيادةً مُنفَصِلةً رجَعَ في النصفِ دونَ الزيادةِ، أوْ متصلةً تَخيَّرتْ بينَ ردِّهِ زائداً وبينَ نصفِ قيمتهِ، وإن كانَ ناقصاً تخيَّرَ بينَ أخذهِ ناقصاً وبينَ نصفِ قيمتهِ.
ثمَّ مهرُ المثلِ هو ما يُرغبُ بهِ في مثلها، فَيُعتبَرُ بمنْ يُساويها منْ نساءِ عصباتِها في السنِّ والعقلِ والجمالِ واليَسارِ والثُّيوبةِ والبَكارةِ والبلدِ، فإنْ اختصَّتْ بمزيدِ أوْ نقصٍ روعيَ ذلكَ، فإنْ لمْ يكنْ لها عَصَباتٌ منَ النساءِ فبالأرحامِ، وإلا فبنساءِ بلدِها ومنْ يُشبِهُها.
وإذا أُعسرَ بالمهرِ قبلَ الدُّخولِ فلها الفسخُ، أو بعدهُ فلا، فإنْ اختلفا في قبضِ الصَداقِ فالقولُ قولُها، أو في الوَطْءِ فقولهُ.
ومنْ وطِئ امرأةً بشبهةٍ، أو نكاحٍ فاسدٍ، أو زناً وهيَ مُكرهةٌ، لزمهُ مهرُ المثلِ، وإنْ طاوعتْهُ على الزنا فلا مهرَ لها.
وحيثُ طُلِّقَتْ وشُطِّرَ المهرُ لا مُتْعةَ، وحيثُ لمْ يتَشطَّرْ إما بأنْ لا يجبَ شيءٌ كالمُفوِّضَةِ إذا طُلقتْ قبلَ الدخولِ والفَرضِ، أو بأنْ يجبَ الكلُّ كالطلاقِ بعدَ الدخولِ، وجبَ لها المُتْعةُ، وهي: شيءٌ يقدرُهُ القاضي باجتهادِهِ، ويُعتبرُ فيهِ حالُ الزوجينِ.

.فصل [وليمةِ العُرس]:

وليمةُ العرسِ سُنَّةٌ، والسنةُ أنْ يولمَ بشاةٍ، ويجوزُ ما تيَسرَ منَ الطعامِ، ومنْ دُعيَ إليها لزمتهُ الإجابةُ صائماً كانَ أو مُفطراً، فإذا حضرَ نُدبَ لهُ الأكلُ ولا يجبُ، فإنْ كانَ صائماً تَطوُّعاً ولمْ يَشُقَّ على صاحبِ الوليمةِ صَومُهُ فإتمامُ الصومِ أفضلُ، وإن شقَّ عليهِ صَومُهُ فالفِطْرُ أفضلُ. ولوجوبِ الإجابةِ شروطٌ:
1 - أنْ لا يَخُصَّ بها الأغنياءَ دونَ الفقراءِ.
2 - وأنْ يدْعوهُ في اليومِ الأولِ، فإنْ أولَمَ ثلاثةَ أيامٍ فدعاهُ في اليومِ الثاني لمْ يجبْ، أوْ في الثالثِ كُرهتْ إجابتُهُ.
3 - وأنْ لا يُحضِرَهُ لخوْفٍ منهُ أوْ طمعاً في جاهِهِ. 4 - وأنْ لا يكونَ ثَمَّ منْ يتأذى، أو لا تليقُ بهِ مجالستُهُ، ولا مُنكَرٌ منْ زمْرٍ وخَمْرٍ، وفُرُشٍ وحريرٍ، وصوَرَ حيوانٍ على سقفٍ أو جدارٍ أوْ وِسادةٍ منصوبةٍ، وسَترٍ أو ثوبٍ مكتوبٍ عليهِ منكرٌ وغير ذلكَ.
فإنْ كانَ المنكرُ يزولُ بحضورهِ، أو كانت الصورُ على الأرضِ في بساطٍ أوْ مخدَّةٍ يتكئُ عليها، أو مقطوعةَ الرأسِ، أوْ صُوَرَ الشجرِ فليَحضُرْ.
ولا يُكرهُ نثرُ السُّكَّرِ ونحوِهِ في الإملاكاتِ، بلْ هوَ خلافُ الأولى، والتقاطُهُ أيضاً خلافُ الأولى.

.بابُ معاشرةِ الأزواج:

يَجبُ على كلِّ واحدٍ منَ الزوجينِ المعاشرَة بالمعروفِ، وبَذْل ما يلزمُهُ منْ غيرِ مَطلٍ ولا إظهارِ كراهةٍ، ويَحرُمُ على الرجلِ أنْ يُسكِنَ زوجتينِ في مسكنٍ واحدٍ إلا برضاهما، ولهُ أنْ يَمنعها منَ الخروجِ منْ منزلهِ، فإنْ ماتَ لها قريبٌ استُحبَّ أن يأذنَ لها في الخروج.

.[القَسْم]:

ومنْ لهُ نساءٌ لا يجبُ أنْ يقسِمَ لهنَّ بلْ لهُ الإعراضُ عنهنَّ بلا إثمٍ، وليسَ لهُ أن يبتدئ المبيتَ عندَ إحداهنَّ إلا بالقُرعةِ، فإنْ باتَ عندَ واحدةٍ منهنَّ لزِمهُ المبيتُ عندَ الباقياتِ بِقَدرِهِ، فإذا أرادَ القسْمَ أقرعَ، فمنْ خرجت قُرعتُها قدَّمها، ويَقسِمُ للحائضِ والنفسَاءِ والمريضةِ والرَّتْقاءَ، فإنْ كانَ معهُ حُرةٌ وأمةٌ قسمَ للحرةِ مثلَ ما للأمةِ مرتينِ، وأقلُّ القسْم ليلةٌ، ويتبعها يومٌ قبلها أو بعدها، وأكثرُهُ ثلاثةُ أيامٍ، ولا يُزادُ على ذلكَ، وعِمادُ القسْمِ الليلُ، والنهارُ تابعٌ لمنْ معيشتُهُ بالنهار، فإنْ كانت معيشتُهُ بالليلِ كالحارسِ فعمادُ قسْمهِ بالنهارِ.
ولا يجبُ عليهِ وَطْءٌ، لكنْ تُندبُ التسويةُ بينهنَّ فيهِ وفي سائرِ الاستمتاعاتِ، وإنْ أرادَ أنْ يُسافرَ بامرأةٍ منهنَّ لمْ يَجُزْ إلا بقُرعةٍ، فإنْ سافرَ بقُرعةٍ لمْ يقضِ للمقيمةِ، وإنْ سافرَ بها بغيرِ قُرعةٍ أثِمَ ولزِمَهُ القضاءُ.
ومنْ وهبَتْ حقَّها منَ القسْمِ لبعضِ ضرائرها برِضا الزوجِ جازَ، وإنْ وهبَتْ للزوجِ جعلهُ لمنْ شاءَ منهنَّ، فإنْ رجعتْ في الهبةِ عادتْ إلى الدَّورِ منْ يومِ الرجوعِ، ولا يجوزُ أنْ يدخلَ على امرأةٍ في نوْبةِ أخرى بلا شُغلٍ، فإنْ دخلَ بالنهارِ لحاجةٍ، أو بالليلِ لضرورةٍ جازَ، وإلا فلا، وإنْ أقامَ لزِمهُ القضاءُ.
وإنْ تزوَّجَ جديدةً وعندهُ غيرُها قطعَ الدَّورَ للجديدةِ، فإنْ كانتْ بِكراً أقامَ عندها سبْعاً ولمْ يقضِ، وإنْ كانتْ ثيِّباً فهوَ بالخيارِ بينَ أن يقيمَ عندها سبْعاً ويقضي، وبينَ أنْ يقيمَ ثلاثاً ولا يقضي، ويُندبُ لهُ أن يُخيِّرَها بينهُما، فإنْ أقامَ سبعاً بطلَبها قضى السَّبْعَ، أوْ بدونهِ قضى أربعاً فقطْ، ولهُ الخروجُ نهاراً لقضاءِ الحاجاتِ والحُقوقِ.
ومنْ ملَكَ إماءً لمْ يَلزمْهُ أنْ يقسِمَ لهنَّ، ويُندبُ أنْ لا يُعَطلهنَّ من الوَطْءِ، وأن يُسوِّيَ بينهنَّ فيهِ.
وإذا رأى منَ المرأةِ أماراتِ النُّشوزِ وَعَظَها بالكلامِ، وإنْ صرَّحتْ بالنُّشوزِ هجَرها في الفراشِ دونَ الكلامِ، وضَرَبَها ضَرْباً غيرَ مُبَرِّحٍ، أي: لا يَكسِرُ عَظْماً، ولا يَجْرحُ لَحماً، ولا يَنهرُ دماً، سواءٌ نَشَزَتْ مرةً أو تكررَ منها، وقيلَ: لا يَضرِبها إلا إذا تكررَ نشوزُها.

.بابُ النفقاتِ:

يجِبُ على الزَّوْجِ نَفَقَةُ زَوْجتهِ يوْماً بيومٍ، فإنْ كانَ مُوسِراً لَزِمَهُ مُدَّانِ مِنَ الحَبِّ المُقتاتِ في البلدِ، وإنْ كانَ مُعْسِراً فَمُدٌّ، وإنْ كانَ مُتَوَسِّطاً فمُدٌّ ونصفٌ، ويَلْزَمُهُ معَ ذلكَ أُجْرةُ الطَّحْنِ والخَبْزِ والأُدمِ على حسبِ عادةِ البلدِ منَ اللَّحْمِ والدُّهْنِ وغيرِ ذلكَ، فإنْ تراضَيا على أخْذِ العِوضِ عن ذلكَ جازَ.
ولها ما تحْتاجُ إليهِ مِنَ الدُّهنِ للرَّأسِ، والسِّدْرِ، والمِشْطِ، وثَمنِ ماءِ الاغتسالِ إنْ كانَ سببُهُ جِماعاً أو نفاساً، فإنْ كانَ سببُهُ حيْضاً أو غيرَ ذلكَ لمْ يلْزمْهُ.
ولا يلزمهُ ثمنُ الطِّيبِ، ولا أُجرةُ الطَّبيبِ، ولا شراءُ الأدويةِ ونحْوِ ذلكَ.
ويجِبُ لها منَ الكِسْوةِ ما جرَتْ بهِ العادةُ في البلدِ منْ ثيابِ البدَنِ والفرْشِ والغِطاءِ والوِسادةِ على حسبِ ما يليقُ بيسارهِ وإعسارهِ.
ويجِبُ تسْليمُ النَّفقةِ إليْها منْ أوَّلِ النَّهار، وتسليمُ الكِسْوةِ منْ أوَّلِ الفَصْلِ، فإنْ أعطاها كِسْوةَ مُدَّةٍ فبَلِيَتْ قبْلها لمْ يلزمْهُ إبدالُها، وإنْ بَقِيَتْ بعدَ المُدَّةِ لزِمهُ التجديدُ، ولها أنْ تتصرَّفَ في كِسْوتها بالبيْعِ وغيرِهِ.
ويَجبُ لها سُكْنى مِثْلِها، وإنْ كانتْ تُخْدمُ في بيْتِ أبيها لزِمَهُ إِخْدامُها، وتلزمُهُ نفقةُ الخادمِ إذا كانَ مِلْكَها.
وإنَّما تَلْزمُهُ النَّفقةُ إذا سلَّمَتْ المَرأَةُ نفسها إليهِ، أو عرضتْ نفسها عليهِ، أو عرضها وليُّها إنْ كانتْ صغيرةً، سواءٌ كانَ الزَّوْجُ كبيراً أو صغيراً لا يتأتَّى مِنْهُ الوَطْء، إلاَّ أنْ تُسلَّمَ وهيَ صغيرةٌ ولا يمكنُ وَطْؤُها فلا نفقةَ لها.
وشرطُ ذلكَ أيْضاً أنْ تُمكِّنَهُ التَّمْكينَ التَّامَّ بِحَيْثُ لا تَمْتَنِعُ منْهُ في ليلٍ أو نهارٍ، فلوْ نَشَزَت ولوْ في ساعةٍ، أو سافرت بغيرِ إذْنهِ، أو بإذنِهِ لحاجتها، أو أحْرَمَتْ أو صامَتْ تطُّوُّعاً بغْيرِ إذنهِ، أو كانت أَمَةً فسلَّمها السَّيِّدُ ليْلاً فقطْ، فلا نفقةَ لها.
وأمَّا المُعتَدَّةُ فيجبُ لها السُّكنى في مدَّةِ العدَّةِ، سواءٌ كانتِ العدَّةُ عدَّةَ وفاةٍ أو رجعيَّةٍ أو بائنٍ. وأمَّا النفقةُ فلا تجبُ في عدَّةِ الوفاةِ، وتجبُ للرَّجعيَّةِ مُطْلقاً، وللبائنِ إنْ كانتْ حاملاً، يَدْفعُ إليها يوماً بيومٍ.
وإنْ لمْ تكُنْ البائنُ حاملاً فلا نفقةَ لها، والكِسوةُ كالنَّفقةِ.
وإنِ اختلفَ الزَّوْجانِ في قبْضِ النفقةِ فالقوْلُ قولُها، وإن اختلفا في التَّمْكينِ فالقولُ قولُهُ، إلا أنْ يَعترفَ بأنَّها مكَّنتْ أوَّلاً ثُمَّ يدَّعي النُّشوزَ فالقولُ قولها.
ومتى تركَ الإنفاقَ عليها مُدَّةً صارت النفقةُ عليهِ ديْناً، وإذا أعْسَرَ بنفقةِ المُعْسرينَ أو بالكِسْوةِ أو بالسُّكنى، ثبتَ لها فسخُ النِّكاحِ، فإنْ شاءتْ صبرَتْ وبقيَ ذلكَ لها في ذمَّتهِ. وإنْ أعسرَ بالأُدْمِ، أو بنفقةِ الخادمِ، أو بنفقةِ الموسِرينَ أو المتوسِّطينَ فلا فسخَ لها.
وإنْ كانَ الزَّوْجُ عبْداً فالنَّفقةُ في كسْبهِ، وإلا ففيما في يدهِ إنْ كانَ مأذوناً لهُ في التِّجارةِ، وإلا فإنْ شاءتْ فسخَتْ وإنْ شاءتْ صبرَتْ إلى أنْ يَعتِقَ فتأخُذَ منْهُ.

.فصل [النفقةُ على الأقرباء]:

يجبُ على الشَّخصِ -ذكراً كانَ أو أنثى- إذا فَضَلَ عنْ نفقتِهِ ونفقةِ زوْجتِهِ أنْ يُنفقَ على الآباءِ والأمَّهاتِ وإنْ علَوْا منْ أيَّ جهةٍ كانوا، وعلى الأولادِ وأولادهم وإنْ سفلوا، ذكوراً كانوا أو إناثاً، بشرطِ الفقْرِ والعَجْزِ إمَّا بزَمانةٍ أو طُفولةٍ أو جنونٍ. وتجِبُ نفَقَةُ زوجةِ الأبِ، فإنْ كانَ لهُ آباءٌ وأولادٌ ولمْ يقدِرْ على نفقةِ الكُلِّ قدَّمَ الأمَّ ثمَّ الأبَ ثمَّ الابنَ الصغيرَ ثمَّ الكبيرَ، وهذه النَّفقةُ مُقدَّرةٌ بالكفايةِ، ولا تسْتقِرُّ في الذِّمَّةِ.
وإن احتاجَ الوالدُ المُعْسِرُ إلى النِّكاحِ لزِمَ الولدَ المُوسِرَ إعْفافُهُ بالتَّزويجِ أو التَّسَرِّي.
ومنْ ملكَ رَقيقاً أو دوابَّ لزمَهُ النَّفقةُ والكِسْوةُ، فإن امتنعَ ألْزَمَهُ الحاكمُ، فإنْ لمْ يكُنْ لهُ مالٌ أَكْرى عليهِ إنْ أمكَنَ، وإلا بيعَ عليْهِ.

.فصل [الحضانةِ]:

أحَقُّ النَّاسِ بحضانةِ الطِّفْلِ الأُمُّ، ثمَّ أُمَّهاتُها المُدْلياتِ بإناثٍ، تُقدَّمُ القُرْبى فالقُرْبى، ثمَّ الأبُ، ثمَّ أُمَّهاتُهُ كذلكَ، ثمَّ أبوهُ ثمَّ أُمَّهاتُهُ كذلكَ، ثمَّ الأُختُ الشَّقيقةُ، ثمَّ الأخُ الشَّقيقُ، ثمَّ للأبِ، ثمَّ للأمِّ، ثمَّ الخالةُ، ثمَّ بناتُ الإخوةِ للأبوينِ، ثمَّ بنوهمْ، ثمَّ للأبِ، ثمَّ بنوهمْ، ثم للأم، ثم العمة، ثم العم، ثم بنات الخالة، ثمَّ بنات العمِّ، ثمَّ ابنُ العمِّ.
وشرطُ الحاضِنِ: العدالةُ والعقْلُ والحُريَّةُ، وكذا الإسلامُ إنْ كانَ الطِّفلُ مُسْلماً، ولا حقَّ للمَرْأةِ إذا نُكِحَتْ إلا أنْ تَنْكحَ منْ لهُ حضانتُهُ.
وإذا بلغَ الصَّغيرُ حدَّاً يُميِّزُ فيهِ خُيِّرَ بينَ أبَوَيْهِ، فإن اختارَ أحدَهُما سُلِّمَ إليهِ، لكنْ إن اختارَ الابنُ أُمَّهُ كانَ عندَ أبيهِ بالنَّهارِ ليُعلِّمَهُ ويُؤدِّبهُ، فإنْ عادَ واختارَ الآخرَ دُفعَ إليهِ، فإنْ عادَ واختارَ الأوَّلَ أُعيدَ إليهِ، وهكذا إلى أنْ يَظْهرَ منهُ بهذا ولعٌ وخَبَلٌ.

.بابُ الطَّلاقِ:

يَصحُّ الطلاقُ منْ كلِّ زوجٍ، عاقلٍ، بالغٍ، مُختارٍ، فلا يصحُّ طلاقُ صبيٍّ ومجنونٍ ومُكرهٍ بغيرِ حقٍّ، مثلُ أن هُدِّدَ بقتلٍ أو قطعِ عُضوٍ أو ضربٍ مُبَرِّحٍ، وكذا شَتْمٍ أوْ ضرْبٍ يسيرٍ وهو منْ ذوي المُرُوءاتِ والأَقدارِ.
ومنْ زالَ عقلُهُ بسببٍ لا يُعْذَرُ فيه -كالسَّكرانِِ، ومنْ شربَ دواءً يُزيلُ العَقْلَ بلا حاجةٍ- يقعُ طلاقُهُ.
ولهُ أن يُطلِّقَ بنفسِهِ، ولهُ أن يُوكِّلَ ولو امْرأةً، وللوكيلِ أن يُطلِّقَ متى شاءَ، لكنْ إذا قالَ لزوجتهِ: طلِّقي نفسَكِ. فقالتْ على الفورِ: طلَّقتُ نفسي. طُلِّقَتْ، وإنْ أخَّرَتْ فلا، إلا أن يقولَ: طلِّقي نفسكِ متى شئتِ.
ويملِكُ الحُرُّ ثلاثَ تطْليقاتٍ، والعبدُ طلقتينِ.
ويُكرهُ الطَّلاقُ منْ غيرِ حاجةٍ، والثلاثُ أشدُّ، وجَمْعُها في طُهرٍ واحدٍ أشدُّ. ثمَّ الطَّلاقُ على أقسامٍ:
سنِّيٌّ، وبِدْعِيٌّ مُحرَّمٌ، وخالٍ عنِ السُّنَّةِ والبِدْعةِ.
1 - فأما السُّنِّيُّ فهو: أنْ يُطلِّقَ في طُهْرٍ لمْ يُجامعْ فيهِ.
2 - والبِدْعِيُّ المُحرَّمُ: أن يُطلِّقَ في الحيضِ بلا عِوَضٍ، أو في طُهرٍ جامعها فيهِ، فإذا فعلَ نُدِبَ لهُ أن يُراجِعَها.
3 - وأمَّا الخالي عنْهما: فطلاقُ الصَّغيرةِ، والآيسةِ منَ الحيضِ، والحاملِ، وغيرِ المدخولِ بها.
والألفاظُ التي يقعُ بها الطَّلاقُ صريحٌ وكِنايةٌ.
فالصَّريحُ: يقعُ بهِ سواءٌ نوى بهِ الطلاقَ أم لا، ولا يقعُ بالكِناية إلا أنْ يَنْوي به الطَّلاقَ، فالصريحُ لَفْظُ الطَّلاقِ والفِراقِ والسَّراحِ، فإذا قالَ: طلَّقْتُكِ، أو فارَقْتُكِ، أو سرَّحتُكِ، أو أنتِ طالقٌ، أو مُطلَّقةٌ، أو مُفارقَةٌ، أو مُسرَّحةٌ، طُلِّقَتْ، سواءٌ نوى بهِ الطَّلاقَ أمْ لا.
والكنايةُ قولُهُ: أنتِ خَلِيَّةٌ، أو بريَّةٌ، أو بَتَّةٌ، أو بائنُ، وحرامٌ، واعْتَدِّي، واستَبْرِئي، وتقَنَّعي، والحقي بأهلكِ، وحبْلُكِ على غارِبِك، ونحو ذلكَ. أو قالَ: أنا مِنْكِ طالقٌ، أو فوَّضَ الطَّلاق إليها فقالت: أنتَ طالقٌ، أو قيل لهُ: أَلَكَ زوجةٌ؟ فقالَ: لا، أو كتبَ لفظَ الطَّلاقِ، فإذا نوى بجميعِ ذلكَ الطَّلاقُ وقعَ، وإن لمْ يَنْوِ لمْ يقعْ.
وإنْ قيلَ لهُ: طلَّقْتَ امرَأتكَ؟ فقال: نعم. طُلِّقتْ، وإذا قال: أنتِ طالقٌ، ونوى بهِ إيقاعُ طَلْقتيْنِ أو ثلاثاً وقعَ ما نوى، وكذا سائرُ ألْفاظِ الطَّلاقِ صريحِها وكِنايتها.
وإنْ أضافَ الطَّلاقَ إلى بعضٍ من أبْعاضِها مثل أن قال: نِصْفكِ طالقٌ، طُلِّقتْ طلقةً واحدةً، وكذا إذا قال: أنتِ طالقٌ نصفُ طلقةٍ أو رُبُع طلقةٍ، طُلِّقَتْ طَلْقةً.
وإذا قال: أنت طالِقٌ ثلاثاً إلا طلقة، طُلِّقتْ طلقتينِ. أو ثلاثاً إلا طلقتينِ، طُلِّقتْ طلقةٍ، أو ثلاثاً إلا ثلاثاً طُلِّقتْ ثلاثاً.
وإنْ قال: أنتِ طالقٌ إنْ شاءَ اللهُ، أو إنْ لمْ يشأ اللهُ، وكذا إلا أنْ يشاءَ اللهُ، لم تطلق.
ويجوزُ تعليقُ الطَّلاقِ على شرطٍ، وإن علَّقهُ على شرطٍ ووُجدَ ذلكَ الشَّرْطُ طُلِّقتْ، فإذا قالَ لزوجتهِ: إنْ حضْتِ فأنتِ طالقٌ، طُلِّقتْ بمُجرَّدِ رؤيةِ الدَّمِ، فإذا قالتْ: حِضْتُ، فكذَّبها، فالقولُ قولها معَ يَمينِها، وإن قال: إن حِضْتِ فضرَّتُكِ طالقٌ، فقالتْ: حضْتُ، فكذبها، فالقول قولُهُ ولمْ تُطلَّقِ الضرَّةُ.
وإن قال: إن خرجتِ إلا بإذني فأنتِ طالقٌ، ثمَّ أَذِنَ لها في الخروجِ مرَّةً فخرجتْ، ثمَّ خرجتْ بعد ذلكَ بلا إذنٍ لمْ تطلق، وإن قال: كلَّما خرجتِ إلا بإذني فأنتِ طالقٌ، فبأيِّ مرَّةٍ خرجتْ بغيرِ إذنِهِ طُلِّقتْ.
وإنْ قال: متى وقعَ عليكِ طلاقي فأنتِ طالقٌ قبْلهُ ثلاثاً، ثمَّ قال بعدَ ذلكَ: أنتِ طالقٌ، طُلِّقتِ المُنَجَّزَ فقط.
ومن علَّقَ بفِعلِ نفسهِ ففعلَ ناسياً أو مُكرهاً لمْ يقعْ، وإن علَّقَ بفِعْلِ غيرِهِ مِثلُ: إنْ دخَل زيدٌ الدَّار فأنتِ طالقٌ، فدخلها قبلَ علمِه بالتَّعليقِ، أو بعدهُ ذاكراً لهُ أو ناسياً وكانَ غيرَ مُبالٍ بحِنثِهِ طُلِّقتْ، وإنْ علمَ بالتَّعليقِ فدخلَ ناسياً وهو ممَّنْ يُبال بحِنْثهِ لمْ تُطلَّقْ، وإن قال: إن دخلتِ الدَّار فأنتِ طالقٌ، ثمَّ بانتْ منهُ إما بطلقةٍ أو بثلاثٍ، ثمَّ تزوَّجها، ثمَّ دخلتِ الدَّار لمْ تُطلَّقْ.

.فصل [الخلعِ]:

يَصِحُّ الخُلعُ ممَّنْ يَصحُّ طلاقُهُ.
ويُكرهُ إلا في حالينِ: أحدُهُما: أنْ يخافا أو أحدُهُما أن لا يُقيما حُدودَ اللهِ ما داما على الزَّوجيَّةِ.
والثاني: أنْ يَحْلفَ بالطَّلاقِ الثَّلاثِ على ترْكِ فعلِ شيءٍ، ثمَّ يَحتاجُ إلى فِعْلهِ، فيخالِعُها، ثمَّ يتزوجها، ثمَّ يفعلُ المحْلوفَ عليهِ، فإنَّهُ لا يقعُ عليهِ الطَّلاقُ الثَّلاثُ كما سبقَ.
وإن كانَ الزَّوْجُ سفيهاً صحَّ خُلْعُهُ، ويُدْفعُ العِوَضُ إلى وليِّهِ، ولا يصحُّ خُلْعُ سفيهةٍ.
وليْسَ للْوليِّ أنْ يُخالعَ امرأة الطِّفلِ، ولا أن يُخالعَ الطِّفْلةَ بمالها، ويصحُّ بمالِ الوليِّ، ويَصحُّ بلفظِ الطَّلاقِ ولفظِ الخُلْعِ، مثلُ: أنتِ طالِقٌ على ألفٍ، أو خالعتُكِ على ألفٍ، فإنْ قالتْ: قبِِلتُ، بانتْ ولزِمها الألفَ، وكذلكَ إنْ قالَ: إنْ أعطيتِني ألفاً فأنتِ طالقٌ، فأعطتْهُ بانتْ، وكذلكَ إذا قالتْ: طلِّقني على ألفٍ، فقالَ: أنتِ طالقٌ، بانتْ ولزِمها الألفُ. وما جازَ أنْ يكونَ صَداقاً جازَ أنْ يكونَ عِوَضاً في الخُلعِ، فلوْ خالعَ بمَجْهولٍ، أو غيرِ مُتَمَوَّلٍ كالخمرِ، بانتْ بمَهْرِ المثلِ.
وهو بلفظِ الخُلعِ طلاقٌ صريحٌ.

.فصل: [في الشك في الطلاق]:

منْ شكَّ هلْ طلَّقَ أمْ لا لمْ تُطلَّق، والوَرَعُ أنْ يُراجعَ، وإنْ شكَّ هلْ طلَّقَ طلْقةً أو أكثرَ وقعَ الأقلُّ، ومنْ طلَّقَ ثلاثاً في مرض موتهِ لمْ تَرِثْهُ المُطلَّقةُ.

.فصل [الرجعة]:

إذا طلَّقَ الحُرُّ طَلْقةً أو طَلْقتينِ، أو طلَّقَ العبْدُ طلْقة بعد الدُّخولِ بلا عِوَضٍ، فلهُ قبلَ أن تنقضي العِدَّةُ أنْ يُراجِعَ -سواءٌ رَضِيَتْ أمْ لا- ولهُ أنْ يُطلِّقها، وإنْ ماتَ أحدُهُما ورِثَهُ الآخرُ، لكنْ لا يحِلُّ لهُ وَطْؤُها ولا النَّظرُ إليها ولا الاستمتاعُ بها قبلَ المُراجعةِ، وإنْ كانَ الطَّلاقُ قبلَ الدُّخول، أو بعدَهُ بعِوضٍ، فلا رجعةَ لهُ، ولا تصِحُّ الرَجعةُ إلا باللفظِ فقط، فيقولُ: راجَعْتُها، أو ردَدْتُها، أو أمْسَكْتُها.
ولا يُشترطُ الإشهادُ، وإذا راجعَها عادتْ إليهِ بما بقيَ من عدَدِ الطَّلاقِ.
أمَّا إذا طلَّقَ الحُرُّ ثلاثاً أو العبدُ طلقتينِ حرُمتْ عليهِ حتى تنْكحَ زوجاً غيْرهُ نِكاحاً صحيحاً، ويَطؤُها في الفرجِ، وأدناهُ: تغْييبُ الحَشَفَةِ، بِشَرطِ انتشارِ الذَّكَرِ.

.فصل [الإيلاء]:

الإيلاءُ حرامٌ، وهو أن يَحْلفَ الزوجُ باللهِ، أو بالطَّلاقِ، أو بالعِتقِ، أو بالتزامِ صومٍ، أو صلاةٍ، أو غيرِ ذلكَ يَميناً يَمْنعُ الجِماعَ في الفرجِ أكثرَ منْ أربعَةِ أشهُرٍ، فإذا حلَفَ كذلك صارَ مولِياً، فتُضْرَبُ لهُ مدَّةُ أرْبعةِ أشهُرٍ، فإذا انقضَتْ -ولمْ يُجامعْ فيها ولا مانعَ من جِهتِها- فلها عقِبَ المُدَّةِ أن تُطالبهُ إمَّا بالطَّلاقِ أو بالوَطْءِ -إذا لمْ يكُنْ بهِ مانِعٌ يمنَعُهُ منَ الوَطْءِ- فإنْ جامعَ فذاكَ وإلا طلَّقَ عليهِ الحاكمُ، ومتى حلَفَ على أربعةِ أشهرٍ فما دونها، أو كانَ الزَّوجُ عِنِّيناً أو مجبوباً فليْسَ مُولِياً.

.فصل [الظهار]:

الظِّهارُ هو أنْ يُشبِّهَ امرأتَهُ بظَهْرِ أُمِّهِ أو غيرِها منْ محارمِهِ، أو بِعُضْوٍ منْ أعضائِها، فيقول: أنتِ عليَّ كَظَهْرِ أُمِّي، أو كَفَرْجِها أو كَيَدِها، فإذا قالَ ذلكَ ووُجدَ العوْدُ لزِمتْهُ الكفَّارةُ، وحَرُمَ وطْؤُها حتَّى يُكفِّرَ، والعَوْدُ هو: أنْ يُمْسِكَها بعدَ الظِّهارِ زمناً يُمكنُهُ أنْ يقولَ لها فيهِ أنتِ طالقٌ فلمْ يقُلْ، فإنْ عَقَّبَ الظِّهارَ بالطَّلاقِ على الفوْرِ طُلِّقَتْ ولا كفَّارةَ.
والكفَّارةُ: عِتْقُ رقَبَةٍ مُؤْمنةٍ، سَليمةٍ منَ العُيوبِ التي تَضُرُّ بالعَمَلِ، فإنْ لمْ يَجِدْ فصيامُ شَهْرَيْنِ مُتَتابعينِ، فإنْ لمْ يستطِعْ فإطعامُ ستِّينَ مِسْكيناً، كل مِسْكينٍ مُدّاً منْ قوتِ البلدِ حبّاً، بالنِّيَّةِ.

.بابُ العدَّة:

.[أ- عدَّةُ الطَّلاقِ]:

منْ طلَّقَ امرَأتَهُ قبْلَ الدُّخولِ فلا عدَّةَ عليْها، وإنْ طلَّقَ بعْدَهُ لزِمَتْها العِدَّةُ، سواءٌ كانَ الزَّوْجانِ صغيريْنِ أو بالِغيْنِ، أو أحدُهُما بالِغاً والآخرُ صغيراً، والمُرادُ بالدُّخولِ الوَطْءَ، فلوْ خلا بها ولمْ يَطَأْها ثمَّ طلَّقَ فلا عِدَّةَ.
وإذا وجبتِ العدَّةُ فإنْ كانتْ حامِلاً انْقَضَتْ بوضْعِهِ بِشَرْطيْنِ:
أحدُهُما: أنْ يَنْفصِِلَ جميعُ الحَمْلِ، حتَّى لوْ كانَ ولَدَيْنِ أو أكثرَ اشْتُرِطَ انفصالُ الجميعِ، سواءٌ انْفصلَ حيَّاً أو ميِّتاً، كاملَ الخِلْقةِ أو مُضْغَةً لمْ تُتَصَوَّرْ، وشَهِدَ القوابِلُ أنَّها مَبدأُ خَلْقِ آدمِيٍّ، ومتى كانَ بينَ الوَلَدَيْنِ دونَ سِتَّةِ أشْهُرٍ فهُما توأمانِ، ولا حدَّ لِعدَدِ الحمْلِ، فيجوزُ أنْ تَضَعَ في حمْلٍ واحدٍ أربعةَ أولادٍ أوْ أكثرَ منْ ذلكَ.
الثاني: أنْ يكونَ الولَدُ منْسوباً إلى منْ لهُ العِدَّةُ، فلوْ حمَلَتْ منْ زناً أوْ وَطْءِ شُبْهةٍ لمْ تَنْقَضِ عِدَّةُ المُطلِّقِ بهِ، بلْ في حمْلِ وَطْءِ الشُّبهةِ تستقْبِلُ عِدَّةَ المُطلِّقِ بعدَ الوضعِ، وكذا في حمْلِ الزِّنا إنْ لمْ تَحِضْ على الحمْلِ، فإنْ حاضَتْ على الحمْلِ انْقَضَتْ بثلاثةِ أطْهارٍ منْهُ.
وأقلُّ مدَّةِ الحمْلِ سِتَّةُ أشْهُرٍ، وأكْثرُهُ أرْبَعُ سِنينَ.
وإنْ لمْ تكَنْ حاملاً: فإنْ كانتْ ممَّنْ تحيضُ اعتدَّتْ بثلاثةِ قُروءٍ "القروءُ: الأطهارُ"، ويُحْسبُ لها بعْضُ الطُّهرِ طُهْراً كاملاً، فإنْ طلَّقها فحاضتْ بعدَ لحظةٍ انْقضتْ بمُضيِّ طُهرينِ آخرينِ والشُّروعُ في الحَيْضةِ الثالثةِ، وإن طلَّقَ في الحيضِ فلا بُدَّ منْ ثلاثةِ أطْهارٍ كواملَ فإذا شَرَعَتْ في الحيْضةِ الرَّابعةِ انْقضتْ، ولا فرقَ بينَ أنْ يتقاربَ حيْضُها أو يتباعدَ. فمثالُ التَّقاربِ: أنْ تحيضَ يوْماً وليْلةً وتَطْهُر خمسةَ عشَرَ يوْماً، فإذا طُلِّقَتْ في آخرِ الطُّهرِ انْقضتْ عِدَّتُها باثنينِ وثلاثينَ يوْماً ولحظَتيْنِ، أو في آخرِ حيْضٍ فسَبعَةٍ وأربعينَ يوْماً ولحْظةٍ، وهو أقلُّ المُمكنِ في الحُرَّةِ.
ومثالُ التَّباعُدِ: أنْ تحيضَ خمسةَ عشرَ يوماً وتطْهُر سنةً مثلاً أو أكثرَ، فلا بُدَّ منَ الأطهارِ الثلاثةِ وإن قامتْ سنينَ.
وإنْ كانتْ ممَّنْ لا تحيضُ لصغرِ أو إياس اعتدَّتْ بثلاثةِ أشهرٍ، وإنْ كانتْ ممَّنْ تحيضُ فانقطعَ دَمُها لعارضٍ كرضاعٍ ونحوِهِ، أو بلا عارضٍ ظاهرٍ صبرَتْ إلى سنِّ اليَأسِ منَ الحيْضِ، ثمَّ تَعْتدُّ بثلاثةِ أشهُرٍ، هذا كُلُّهُ في عدَّةِ الطَّلاقِ.

.[ب- عدَّةُ الوفاةِ]:

فإنْ تُوُفِّيَ عنْها زَوْجُها -ولوْ في خلالِ عدّة الرَّجْعيّةِ- فإنْ كانتْ حاملاً اعْتدَّتْ بالوضْعِ كما تقدَّمَ، وإلا فبأَرْبعةِ أشْهُرٍ وعشرَةِ أيَّامٍ، سواءٌ كانتْ ممَّنْ تحيضُ أمْ لا، هذا كلُّهُ في الحُرَّةِ.
أمَّا إذا كانتْ زوْجتُهُ أمةً ولوْ مُبَعَّضَةً فالحاملُ بالوضعِ، وغيرُها ممَّن تحيضُ بطُهْرينِ، ومنْ لا تحيضُ بشهرٍ ونِصفٍ، وفي الوفاةِ بشَهْرينِ وخمسةِ أيَّامٍ.
ومنْ وُطِئَتْ بشُبهةٍ تعْتدُّ منَ الوَطْءِ كالمُطلَّقةِ.